الاثنين، 29 يونيو 2020

كسبته خيرًا وأكسبته


قالَ الأزهريُّ في «تهذيب اللُّغة» (10/ 79): (تقولُ: فلانٌ يَكْسِبُ أهلَه خيرًا...
وقالَ أحمدُ بنُ يحيَى: كُلُّ النَّاسِ يقولونَ: كَسَبَكَ فلانٌ خيرًا، إلَّا ابنَ الأعرابيِّ، فإنَّه يقولُ: أكسبَكَ فلانٌ خيرًا) انتهى.
وقال الزَّجَّاجيُّ في «أخباره» (ص198): (وقد حُكِيَ في لُغةٍ شاذَّةٍ: أَكْسَبْتُهُ، وليس بالجيِّدِ) انتهى.
وقال أبو عليٍّ القاليُّ في «الأمالي» (1/ 280): (كان أبو بكر بن دُرَيْد يقولُ: كَسَبْتُ المالَ، وكَسَبْتُهُ غيري، ولا يُجيزُ أَكْسَبْتُهُ. وغيرُه يقولُ: كَسَبْتُ المالَ، وأَكْسَبْتُه غيري. وهما عندي جائزانِ: كَسَبْتُهُ، وأَكْسَبْتُهُ) انتهى.
وقالَ الجوهريُّ في «الصّحاح» (ص212): (وكَسَبْتُ أهلي خيرًا، وكَسَبْتُ الرَّجُلَ مالًا، فكَسَبَهُ، وهذا ممَّا جاءَ علَى فَعَلْتُهُ فَفَعَلَ) انتهى.
وقالَ ابنُ سيدَه في «المحكم» (6/ 453): (وكَسَبْتُ الرَّجلَ خَيْرًا، وأكْسَبَهُ إيَّاهُ [كذا، ولعلَّه: وأَكْسَبْتُهُ إيَّاه]، والأُولَى أعلَى، قالَ:
يُعاتبُني في الدَّيْنِ قَوْمي وإنَّما * دُيونِيَ في أشياءَ تَكْسِبُهُمْ حَمْدَا
ويُروى: «تُكْسِبُهُمْ») انتهى.
وجاء في «ديوانِ أبي نُواس» بروايةِ الصُّوليِّ (ص101):
(وما شَرَّفَتْني كُنْيَةٌ عَرَبيَّةٌ * ولا كَسَبَتْني لا سَناءً ولا فَخْرا
ويُروَى: «ولا أَكْسَبَتْني»، وهو خطأٌ، والصَّوابُ: «كَسَبَتْني»، يُقالُ: «كَسَبْتُهُ مالًا»، ولا يُقالُ: «أكْسَبْتُهُ») انتهى.
وقولُ أبي نُواسٍ: «كَسَبَتْني» لا «أَكْسَبَتْني» أشبهُ به؛ فقد كانَ مِنَ الفُصحاءِ. قالَ ابنُ جنِّي في «الفَسْرِ» (1/ 953): (وقالَ أبو نُوَاسٍ، وإنَّه لفصيحٌ عندي)، وقالَ في موضعٍ آخَر من «الفَسْرِ» (2/ 424) أيضًا: (وقد قالَ أبو نُوَاسٍ، وإن لم يكنْ قديمًا، فقد كانَ فصيحًا) انتهى.
وقال الصُّوليُّ في «شرح ديوان أبي تمَّام» (ص229): (يُقالُ: كَسَبْتُه المالَ، وهو المختارُ، وأبو محلِّمٍ لا يُجيزُ غيرَ هذا. وغيرُه من العلماء يقولُ: كَسَبْتُه وأَكْسَبْتُه) انتهى.
وقالَ البحتريُّ:
وأَكْسَبْنَني سُخْطَ امْرِئٍ بِتُّ مَوْهِنًا * أرَى سُخْطَهُ ليلًا معَ اللَّيْلِ مُظْلِما
قالَ أبو العلاءِ المعرِّيُّ في «عبث الوليد» (ص461): (استعملَ «أَكْسَبْتني»، وإنَّما أخذَه من أبي تمَّامٍ في مثلِ قولِه:
* أَكْسَبَهُ البَأْوَ غَيْرَ مُكْتَسِبِهْ *
والمتقدِّمونَ من أهلِ اللُّغةِ يُنكِرونَ «أَكْسَبْتُهُ مالًا»، ويحكونَ: كَسَبَ الرَّجُلُ، وكَسَبْتُهُ أنا. وقد حُكِيَ أنَّ ابنَ الأعرابيِّ رَوَى: «كَسَبْتُهُ، وأكْسَبَني». وهذا البيتُ رُبَّما رُوِيَ بالهمزةِ:
فأَكْسَبَني حَمْدًا وأكْسَبْتُهُ قِرًى * وأَرْخِصْ بحَمْدٍ كانَ كاسِبَهُ أَكْلُ
والقياسُ يُسَوِّغُ «أَكْسَبَهُ»؛ لأنَّ الهمزةَ مِمَّا يُعدَّى به الفِعْلُ) انتهى.
وقال الزَّمخشريُّ في «الكشَّاف» (2/ 288): (...كما أنَّ «كَسَبْتُه مالًا» أفصحُ مِن «أَكْسَبْتُهُ». والمرادُ بالفصاحةِ أنَّه علَى ألسنةِ الفُصحاءِ من العربِ الموثوقِ بعربيَّتِهم أَدْوَرُ، وهم له أكثرُ استعمالًا) انتهى.
وقال النَّوويُّ في «شرح صحيح مسلم» (2/ 201): (وأمَّا قولُها [أي: خديجة -رضي الله عنها-]: (وتَكْسِبُ الـمعدومَ): فهو بفتحِ التَّاء، هذا هو الصَّحيحُ المشهورُ، ونقَله القاضي عياض عن رواية الأكثرين، قال: ورواه بعضُهم بضمِّها. قال أبو العبَّاس ثعلبٌ، وأبو سليمانَ الخطَّابيُّ، وجماعاتٌ من أهل اللُّغةِ: يُقال: كَسَبْتُ الرَّجُلَ مالًا، وأَكْسَبْتُهُ مالًا، لُغتانِ أفصُحهما باتِّفاقِهم: كَسَبْتُه، بحذفِ الألفِ) انتهى.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق