الأربعاء، 20 نوفمبر 2019

أساليب عامية فصيحة



• يستعملُ العامَّة (قام) و(قعد) وليسَ ثَمَّ  قيامٌ ولا قُعودٌ، كقولهم: (قام يقعد)، و(قعد يمشي).
قالَ ابنُ جنِّي في «التَّنبيه على شرحِ مشكلاتِ الحماسةِ»: (... كما تقولُ: أخذَ يتحدَّثُ، وجعلَ يقولُ، وأنتَ تريدُ حديثَه وقَولَه، وكذلك: قامَ يشتمُني، وقعدَ يتهكَّمُ بعِرضِ فلانٍ، قالَ حسَّان: [من الوافر]
عَلَى ما قامَ يَشْتُمُني لَئيمٌ * كخِنزيرٍ تَمرَّغَ في رَمادِ
أي: علامَ يشتمُني. وعليه بيتُ «الكتابِ»: [من البسيط]
فاليَوْمَ قَرَّبْتَ تَهْجُونا وتَشْتُمُنا * فاذْهَبْ فما بِكَ والأيَّامِ مِنْ عَجَبِ
أي: فما بِكَ عَجَبٌ، و«اذْهَبْ» توكيدٌ للكلامِ، وتمكينٌ له...
وليس هناك قِيامٌ ولا قُعودٌ ولا ذَهابٌ، ولكن هذه استراحاتٌ من العَربِ، وتطريحاتٌ منها في القولِ) انتهى.

• ويقولون: (أدخل يده في الأمر).
قال القاضي عياض في «بغية الرَّائد»: (وقيل: إنَّ معنَى قولِها: (لا يُولِجُ الكَفَّ)؛ أي: أنَّه لا يتفقَّدُ أُموري، وما يهمُّني من مصالحي، وهو كقولِهم: (ما أدخلَ يدَه في الأمرِ)؛ أي: لم يشتغلْ به، ولم يتفقَّدْه، فضربتِ المثلَ بذلك، قالَه أحمد بن عبيد بن ناصح، ونحوه عن ابنِ أبي أُويس) انتهى.

• ويقول مَن يجِدُ حِكَّةً بجِسمِه: (جسمي ياكلني)، ومَن يجدُ حِكَّةً برأسِه: (راسي ياكلني)...
قالَ الأزهريُّ في «تهذيب اللُّغة» (أكل): (وسمعتُ بعضَ العَربِ يقولُ: جِلْدي يأْكُلُني، إذا وَجَدَ حِكَّةً، ولا يقولُ: جِلْدي يَحُكُّني) انتهى.
وقال ابنُ سيده في «المحكم» (أكل): (الأَكِلَةُ والأُكالُ: الحِكَّةُ أيًّا كانَتْ. وقَدْ أَكَلَني رَأْسي) انتهى.

• ويقولون في مَن يمشي ببطءٍ شديدٍ: (يمشي على بيضة).
وقد مرَّ بي هذا في بيتٍ من العصرِ العبَّاسيِّ. قال ابنُ المعتزِّ في «طبقات الشُّعراء» (ص257) في أخبارِ العبَّاس بن الأحنفِ:
(ومِن بَدائعِه وصفُه تمشِّيَ المرأةِ بالـهُوَيْنَى:
كأنَّها حِينَ تَمْشي في وَصائفِها * تَمْشِي علَى البَيْضِ أَوْ فَوْقَ القَوارِيرِ) انتهى.

• وفي اللَّهجةِ المصريَّةِ يقالُ للجائعِ: (عصافير بطنه بتصوصو).
قال الزَّمخشريُّ في «أساس البلاغة» (عصفر): (يقالُ للجائعِ: صاحَتْ عَصافيرُ بَطْنِه) انتهى.
وفي «لسان العرب» (عصفر): (ويقالُ للرَّجُلِ إذا جاعَ: نَقَّتْ عَصافيرُ بَطْنِه، كما يقالُ: نَقَّتْ ضَفادِعُ بَطْنِه) انتهى.

• وقرأتُ في «شرح مقامات الحريريّ» (3/ 51) للشّريشيّ:
(وقال بعضُهم:
يا مَن تَبَرَّمَتِ الدُّنيا بطَلْعتِهِ * كما تبَرَّمتِ الأجفانُ بالسُّهُدِ
إنِّي لأذكُرُهُ حِينًا فأحسبُهُ * مِن ثِقْلِهِ جالِسًا مِنِّي علَى كَبِدي).
وهذا التَّعبيرُ في وصفِ الثَّقيلِ (جالس على كبدي) يستعملُه العامَّةُ.
ولا أعلمُ قائلَ الشِّعرِ، ووجدتُّ نحوَه في «العقد الفريد» منسوبًا إلى أبي تمَّامٍ حبيبٍ الطَّائيِّ، ورِوايةُ البيتِ الثَّاني فيه:
يمشي علَى الأرضِ مُختالًا فأحسبُه * لبُغضِ طَلعتِه يمشي علَى كَبِدي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق