السبت، 10 أكتوبر 2020

تصحيح موضع محرف في الكلام عن إطباق الضاد


جاء في «سرّ صناعة الإعراب» (1/ 61) لابنِ جنّي (ت 392) [تح: د. حسن هنداوي]: (والإطباقُ: أن ترفعَ ظهرَ لسانِكَ إلى الحنَكِ الأعلَى مُطبِقًا له، ولولا الإطباقُ لصارتِ الطَّاءُ دالًا، والصَّادُ سِينًا، والظَّاءُ ذالًا، ولخرجتِ الضَّادُ من الكلامِ؛ لأنَّه ليس مِن موضعِها شيءٌ غيرُها تزولُ الضَّادُ إذا عدمتِ الإطباقَ إليه) انتهى.

وفي «المحكم» (ط ب ق) لابنِ سيده (ت 458): (ولولا الإطباقُ لصارتِ الطَّاءُ دالًا، والصَّادُ سِينًا، والظَّاءُ ذالًا، ولخرجتِ الضَّادُ من الكلامِ؛ لأنَّه ليس مِن موضعِها شيءٌ غيرُها، تزولُ الضَّادُ إذا عدمتِ الإطباقَ البتَّةَ) انتهى.

ومثلُه في «الموضح في التَّجويد» (ص90)  لعبد الوهَّاب القرطبيِّ (ت 461) [تح: د. غانم قدوري الحمد].

ومثلُ الَّذي في «المحكم» أيضًا وقَع في «اللّسان» و«التَّاج»، ولكن جاء فيهما (عدم) مكانَ (عدمت).

وفي «شرح المفصَّل» لابن يعيش (ت 643) (10/ 129) كذلك: (ولخرجتِ الضَّادُ من الكلامِ؛ لأنَّه ليس مِن موضعِها شيءٌ غيرُها، فتزول الضَّادُ إذا عدمتِ الإطباقَ البتَّةَ) انتهى.

ويظهَرُ لي أنَّ الصَّوابَ ما جاءَ في «سرّ صناعة الإعراب»، يدلُّ علَى ذلك أنَّ المحقِّقَ أشار في حاشيتِه إلَى أنَّ لفظَ (تزول) وقَع في إحدَى النُّسخِ: (توول) وفوقَه (تؤول). وهذا منسجمٌ غايةَ الانسجامِ مع قولِه: (إليه)، فالجارُّ والمجرورُ متعلِّقان بالفعلِ. ولو قيل: (تؤول الضَّاد إذا عدمت الإطباق البتَّةَ) لم يكن للكلامِ معنًى.

كما أنَّ قولَه: (تزولُ الضَّادُ إذا عدمتِ الإطباقَ البتَّةَ) وإن كان معناه صحيحًا فهو كالتَّكرارِ لقولِه قبلَه: (ولخرجتِ الضَّادُ من الكلامِ)، بخلافِ قولِه: (تزولُ الضَّادُ إذا عدمتِ الإطباقَ إليه)، فالضَّميرُ في (إليه) يرجِعُ إلى (شيءٌ)، والمرادُ بيانُ أنَّ الضَّادَ إنَّما تخرُج من الكلامِ إذا عدمتِ الإطباقَ لأنَّها لا تصيرُ حينئذٍ حَرْفًا آخَرَ كسائرِ الحروفِ المطبَقةِ، إذْ لا يُشارِكُها في مخرجِها غيرُها.

وقد جاء الكلامُ موضَّحًا عند ابن عصفور (ت 669) في كتابِه «الممتع في التَّصريف» (2/ 674) [تح: د. فخر الدين قباوة] إذ يقولُ: (ولولا الإطباقُ لصارتِ الطَّاءُ دالًا، والصَّادُ سِينًا، والظَّاءُ ذالًا -لأنَّ الفارقَ بينها إنَّما هو الإطباقُ- ولخرجتِ الضَّادُ من الكلامِ؛ لأنَّه ليس مِن موضعِها حرفٌ غيرُها فترجِعَ الضَّادُ إليه إذا زال الإطباقُ) انتهى.

واللَّه تعالَى أعلمُ.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق