الاثنين، 28 أكتوبر 2019

حكم الحرف المشدد إذا وقع رويًّا في الشعر المقيد



يُضبَطُ الحرفُ المشدَّدُ إذا وقَع رَوِيًّا في الشِّعْرِ المقيَّدِ عندَ كثيرٍ من المحقِّقين بشدَّةٍ فوقَها سُكونٌ علَى هذا النَّحْوِ:
فَيَوْمٌ عَلَيْنَا ويَوْمٌ لَنَا * وَيَوْمٌ نُسَاءُ ويَوْمٌ نُسَرّْ
وكنتُ أميلُ إلَى هذا الضَّبْطِ؛ لأنَّا إذا وَقَفْنَا علَى الحَرْفِ المشدَّدِ فإنَّ التَّشديدَ يبقَى ولا يذهَبُ بالوَقْفِ، والدَّليلُ علَى ذلك أنَّكَ إذا وقفتَ علَى كلمةِ ﴿جَانٌّ﴾ في القرآنِ الكريمِ فإنَّكَ تأتي بالغُنَّةِ، وهي غُنَّةُ النُّونِ المشدَّدةِ، وإذا وقفتَ علَى كلمة ﴿وَتَبَّ﴾ فإنَّ وقفَكَ عليها يختلِفُ عن الوقفِ علَى ما ليسَ بمشدَّدٍ، نحو: ﴿كَسَبَ﴾. وقُلْ مثلَ ذلك في كُلِّ كلمةٍ خُتِمَتْ بحرْفٍ مشدَّدٍ، نحو: ﴿أَمَرُّ﴾، و﴿مُسْتَمِرٍّ﴾، و﴿مُسْتَقِرٌّ﴾.
ولكن لَفَتَني ما وجدتُّهُ في كتاباتِ أُستاذِنا الحاذِقِ فيصل المنصور -زادَهُ اللهُ توفيقًا- مِن تَرْكِ التَّشديدِ في هذا الموضِعِ، والاكتفاءِ بعلامةِ السُّكُونِ، ولَحَظْتُ هذا أوَّلَ ما لَحَظْتُهُ في قصيدتِهِ «مَتَى نَلتقي؟!» إذْ يقولُ:
وأسقيتَه كلَّ سرٍّ خفيٍّ * ولفظٍ رقيقٍ ومعنًى أغرْ
ويقولُ:
أو الحبِّ كفَّاهُ مغلولتانِ * كما مُنِعَ الفعلُ من أن يُجَرْ
ويلقانا مِثْلُ ذلكَ في رسالتِهِ النَّافعةِ في مسألةِ «كلّ عامٍ وأنتم بخيرٍ».
فدَفَعني هذا إلى تأمُّلِ المسألةِ، فبدَا لي أنَّ وَجْهه هُوَ ما يظهَرُ عند تقطيعِ الشِّعْرِ، إذ الشِّعْرُ ليسَ كسائرِ الكلامِ، والحَرْفُ الَّذي رُسِمَتْ عليه شدَّةٌ صورتُهُ عند التَّقطيعِ: ساكِنانِ؛ لأنَّ المشدَّدَ حَرْفَانِ: ساكِنٌ فمتحرِّكٌ،  فلمَّا وُقِفَ عليه: التقَى ساكِنانِ؛ لِمَا عَلِمْنَا أنَّ الـمُتحرِّكَ يُوقَفُ عليه بالسُّكونِ. وأمَّا الحَرْفُ الَّذي وُضِعَ عليه سُكونٌ بلا شدَّةٍ؛ فصورتُهُ عند التَّقطيعِ: ساكنٌ واحِدٌ.
وهذا مِثالٌ ليتَّضِحَ المقالُ:
فالبيتُ الَّذي تقدَّم مِن قصيدةٍ للنَّمر بن تولب، يقولُ في أوَّلِها:
تَصَابَى وأَمْسَى عَلاهُ الكِبَرْ * وأَمْسَى لِجَمْرَةَ حَبْلٌ غَرَرْ
وأبياتُها من المتقاربِ، وضَرْبُهُ محذوفٌ علَى (فَعُو)، والضَّرْبُ يلزَمُ حالةً واحِدةً في القصيدةِ، ونحنُ إذا ما قطَّعْنَا الضَّرْبَ في قولِهِ:
فَيَوْمٌ عَلَيْنَا ويَوْمٌ لَنَا * وَيَوْمٌ نُسَاءُ ويَوْمٌ نُسَرّْ
بالتَّشديدِ: كانَ علَى (فَعُوْلْ)؛ لوجودِ السَّاكنين كما تقدَّمَ، و(فَعُوْلْ) مقصورٌ، ولَيْس محذوفًا، فلا يتَّفِقُ مع سائرِ أبياتِ القصيدةِ. وإذا اكتفَيْنَا بالسُّكونِ؛ كانَ محذوفًا علَى (فَعُو).
ثمَّ وجدتُّ من كلامِ العُلماءِ ما يُؤيِّدُ هذا، فالحمدُ لله على فضلِه وتوفيقِه.
قال ابن دُرُسْتَويه (ت 347) في «كِتَابِ الكِتَاب 103»: (فإذا كانتِ القافيةُ مقيَّدةً، وانتهَى الوزنُ عند انقضاءِ الكلمةِ؛ جرَى خطُّها مجرَى خطِّ سائرِ الكلامِ؛ كقولِ امرئِ القيسِ:
تميمُ بن مُرٍّ وأشياعُها * وكِندةُ حولي جميعًا صُبُرْ
وإن انتهَى الوزنُ قبلَ انقضائِها، وآخرُها حرفُ تضعيفٍ؛ كانَ أيضًا كذلك، إلَّا أنَّه لا يجوزُ أن يُشدَّدَ؛ لئلَّا يزيدَ البيتُ علَى وزنِه، وذلك قولُه أيضًا:
إذا ركِبوا الخيلَ واستلأَموا * تحرَّقتِ الأرضُ واليومُ قُرْ) انتهى.
وفي «مختار تذكرة أبي علي الفارسي 174»: (... ثُمَّ خَفَّفَ للقافيةِ كـ:
سُرٍّ وضُرْ) انتهى. وعلَّق محقِّقُه د. حسين بو عباس قائلًا: (وضُبِطَتِ الرَّاءُ في غالب المصادرِ بشدَّةٍ وسكونٍ -كما في أصلِنا-، وهو لا يُناسِبُ قولَهم: إنَّها مُخَفَّفةٌ، فالصَّوابُ الاقتصارُ علَى السُّكونِ) انتهى.
وقالَ ابنُ جِنِّيْ (ت 392) في «خصائصه 2/230»: (ولذلك: كانَ الحرفُ المشدَّدُ إذا وَقَعَ رَوِيًّا في الشِّعْرِ المقيَّدِ خُفِّفَ؛ كما يُسَكَّنُ المتحرِّكُ إذَا وَقَعَ رَوِيًّا فيه. فالمشدَّدُ نحو قولِهِ:
أصَحوتَ اليومَ أمْ شاقَتْكَ هِرْ * ومن الحُبِّ جنونٌ مستعِرْ
فقابلَ براء (هِر) راء (مستعِرْ)، وهي خفيفةٌ أصلًا. وكذلك قوله:
ففداء لبني قيسٍ على * ما أصابَ النَّاس من سوءٍ وضُرْ
ما أقلَّتْ قَدَمِي إنَّهمُ * نَعِمَ السَّاعونَ في الأمرِ الـمُبِرْ
وأمثاله كثيرةٌ) انتهى.
وقالَ أيضًا في «الخصائص 2/322»: (كما أنَّ الحَرفَ المشدَّدَ إذا وقعَ رَوِيًّا في الشِّعْرِ المقيَّدِ خُفِّفَ)، ثُمَّ قالَ: (نحو قولِهِ:
* أصَحوتَ اليومَ أمْ شاقَتْكَ هِرْ *
فَحَذَفَ إحْدَى الرَّاءَيْن...) انتهى.
وقالَ في «تفسير أرجوزة أبي نُوَاس في تقريظ الفضل بن الربيع 189»: (وخفَّف الرَّاءَ في «اسْتَمَر»؛ لأنَّها وَقَعَتْ حَرْفَ رَوِيٍّ. والحُرُوفُ المشدَّدةُ إذا وَقَعْنَ حُروفَ رَوِيٍّ في شِعْرٍ مقيَّدٍ خُفِّفْنَ؛ نحو قولِ الرَّاجزِ -أنشدَناه أبو عليٍّ-:
إنِّي امْرُؤٌ أَحْمِي ذِمَارَ إخْوَتي
 إذا رَأَوْا كريهةً يرمُونَ بي
رَمْيَكَ بالدَّلْوَيْنِ في قَعْرِ الرَّكِيْ
فخَفَّفَ الياءَ من «الرَّكِيّ». ومثلُهُ قولُ طَرَفَةَ:
* أصَحوتَ اليومَ أمْ شاقَتْكَ هِرْ *
يُريدُ: «هِرّ»، فخفَّف الرَّاءَ. ومثلُهُ قولُ الرَّاجزِ –أنشدَناه أبو عليٍّ–:
حَيْدَةُ خَالي ولَقِيطٌ وعَلِي
وحاتِمُ الطَّائيُّ وهَّابُ الـمِئِي
ولَمْ يَكُن كخالِكَ العَبْدِ الدَّنِي
 يأكلُ أزمانَ الهُزالِ والسِّنِي
هَنَاتِ عَيْرٍ ميِّتٍ غيرِ ذَكِي
فخَفَّفَ هذه الياءات لـمَّا وَقَعْنَ حُروفَ رويٍّ في شعرِه) انتهى.
وقالَ أبو العلاء المعريُّ (ت 449) في «رسالة الملائكة 153»: (وقد كَثُرَ اجتراؤُهم علَى تخفيفِ المشدَّدِ في قوافي الشِّعْرِ؛ فيقولون: «مَعَدْ» في «مَعَدّ»، و«أضَلْ» يُريدونَ «أَضَلّ»؛ قال أبو دُوَاد:
وشبابٍ حَسَنٍ أوجههم * مِن إياد بن نزار بن مَعَدْ
فلا يجوزُ أن تكونَ الدالُ ههنا إلاَّ مخفَّفةً. ومثلُهُ كثيرٌ) انتهى.
وقالَ أيضًا في «رسالة الصَّاهل والشَّاحج 444»: (وإنَّما حَذَّرْتُ مَن يكونُ في الأواخِرِ من الحوادثِ الطَّارئةِ كثيرًا عندَ الأطرافِ؛ مثل: حذف اللَّامِ من سَنةٍ وابنٍ، ومثل ما يحدُثُ في القوافي من تَرْكِ الإعرابِ، وتخفيفِ المشدَّدِ، وذلكَ كثيرٌ موجودٌ؛ قال لبيدٌ:
مَنْ هَدَاهُ سُبُلَ الخيرِ اهتدَى * ناعِمَ البالِ ومَن شاءَ أَضَلْ
فلامُ «أضَلَّ» مُشدَّدةٌ، وخفَّفها في القافيةِ تخفيفًا لا بُدَّ مِنْهُ، ومَن شدَّدَها فهو عندهم مُخطِئٌ. وكذلك من شَدَّد الرَّاء في قولِ امرئِ القيسِ: * واليومُ قُرْ *، و* أنِّي أَفِرْ *.
وقد عِيبَ علَى بعضِ العُلماءِ أنَّ لام «الـمُصَلْ» وُجِدَتْ بخطِّهِ مُشدَّدةً في قولِ لبيدٍ:
يَلْمُسُ الأَحْلاسَ في مَنزِلِهِ * بيَدَيْهِ كاليهوديِّ الـمُصَلْ
يُريد: المصلِّي، فحذف الياء، وخفَّف. وأشدُّ منه قولُه:
وقَبيلٌ من لُكَيْزٍ حاضِرٌ * رَهْطُ مَرْجومٍ وَرَهْطُ ابنِ الـمُعَلْ
يُريدُ: المعَلَّى، فحذف الألفَ، وهي أوجبُ ثباتًا من الياءِ) انتهى.
وقالَ في «عبث الوليد 395»: (كانَ علَى القوافي المشدَّدة مثل: «الأقل»، و«الأشل» تشديدٌ، وذلك عندهم خطأٌ؛ لأنَّ التَّخفيفَ لازِمٌ، وكانَ بعضُ أهلِ العِلْمِ يُعابُ بأنَّهُ وُجِدَ بِخَطِّهِ قَوْلُ لَبيدٍ:
يَلْمُسُ الأَحْلاسَ في مَنزِلِهِ * بِيَدَيْهِ كاليهوديِّ الـمُصَلْ
مشدَّد اللَّام في «الـمُصَلْ». وحُكِيَ أنَّ عثمان بن جِنِّي كانَ يرَى في مثلِ هذه الأشياءِ أن يكونَ التَّشديدُ من تحتِ الحَرْفِ. والأجودُ أن يعلَمَ النَّاظِرُ أنَّ التَّشديدَ لا يجوزُ في مثلِ هذه المواضِعِ) انتهى.
والعالـمُ الَّذي ذكَر أبو العلاءِ أنَّه عيبَ عليه ذلك هو ثعلبٌ (ت 291) كما صرَّحَ به أبو يعلَى التنوخيُّ إذ يقولُ في «كتاب القوافي 84»: (وحدَّثني الشَّيخُ أبو العلاء -رحمه الله– قالَ: وُجد بخطِّ ثعلب تشديدةٌ على الرويِّ في قول لَبيد:
يَلْمُسُ الأَحْلاسَ في مَنزِلِهِ * بيَدَيْهِ كاليهوديِّ الـمُصَلْ) انتهى.
وذكَر أبو العَلاءِ أنَّ تخفيفَ المشدَّدِ في القوافي المقيَّدةِ يأتي علَى ثلاثةِ أضرُبٍ، قال في «اللَّامع العزيزيِّ 1/ 800»: (ألَا ترَى أنَّهم يُخفِّفون المشدَّدَ في القوافي المقيَّدةِ، ولا يتهيَّبون ذلك، وهو كثيرٌ جدًّا. وتخفيفُه علَى ثلاثةِ أضرُبٍ: منه ما يُحذَفُ منه حرفٌ متحرِّكٌ لا غير، كما قال الشَّاعر:
سَأَلَتْني جارتي عن أُمَّتي * وكذا مَن عَيَّ بالأَمْرِ سَأَلْ
سَأَلَتْني عن أُناسٍ هَلَكُوا * شَرِبَ الدَّهْرُ عليهمْ وأَكَلْ
أَنشُدُ النَّاسَ ولا أُنشِدُهُمْ * إنَّما يَنشُدُ مَن كَانَ أَضَلْ
فهذا حَذَف لامَ (أَضَلّ) الآخِرةَ.
ومنه ما يُحذَف منه حرفٌ متحرِّكٌ وتنوينٌ، كقول امرئ القيس:
إذا ركِبوا الخيلَ واستلأَموا * تحرَّقتِ الأرضُ واليومُ قُرْ
ومنه ما يُحذَفُ منه حرفٌ متحرِّكٌ وياءٌ، كقول لَبِيدٍ:
يَلْمُسُ الأَحْلاسَ في مَنزِلِهِ * بِيَدَيْهِ كاليَهُودِيِّ الـمُصَلْ
أرادَ الـمُصَلِّي.
وقد جاء حذفٌ رابعٌ هو أشَدُّ هذه الضُّروبِ، وهو أن يُحذَفَ المتحرِّكُ وألِفٌ بعدَه، كما قال:
وقَبِيلٌ من لُكَيْزٍ حاضِرٌ * رَهْطُ مَرْجومٍ وَرَهْطُ ابنِ الـمُعَلْ) انتهى.
وقالَ ابن الشَّجَريِّ (ت 542) في «أماليه 2/293»: (والتَّضعيفُ يُحذفُ في القوافي؛ كقول طَرَفَةَ:
* أصَحوتَ اليومَ أمْ شاقَتْكَ هِرْ *
وكقول امرئ القيس:
إذا ركِبوا الخيلَ واستلأَموا * تحرَّقتِ الأرضُ واليومُ قُرْ) انتهى.
وقال ابنُ عُصفورٍ (ت 669) في «ضرائرِ الشِّعرِ 132»: (ومنه: تخفيف المشدَّد في القوافي؛ نحو قولِ امرئِ القَيْس:
لا وأبيكِ ابنةَ العَامِرِيْـ * ـيِ لا يَدَّعي القَوْمُ أنِّي أَفِرْ
وقوله في هذه القصيدة:
إذا ركِبوا الخيلَ واستلأَموا * تحرَّقتِ الأرضُ واليومُ قُرْ
يُريد: أَفِرّ، وقُرّ.
وهو كثيرٌ، قد جاء في عدَّة أبيات من هذه القصيدة، وإنَّما خَفَّفَ؛ ليستويَ له بذلك الوزنُ، وتطابق أبيات القصيدةِ. ألا ترَى أنَّه لو شدَّد (أَفِر) لكان آخِر أجزائِه علَى (فَعُولْ) -مِنَ الضَّرْبِ الثَّاني مِنَ المتقارب-، وهو يقولُ بعدَ هذا:
تميمُ بن مُرٍّ وأشياعُها * وكِندةُ حولي جميعًا صُبُرْ
وآخر جزء من هذا البيت (فَعُلْ)، وهو من الضَّرب الثَّالثِ من المتقاربِ. وليس بالجائزِ أن يأتيَ في قصيدةٍ واحدةٍ بأبياتٍ من ضربَيْن، فخفَّف لتكونَ الأبيات كلُّها من ضربٍ واحدٍ) انتهى.
وقالَ عبد القادر البغداديُّ (ت 1093) في «خزانة الأدب 11/223» -بعد أن نقلَ شيئًا من كلامِ ابن عصفور في «ضرائرِه»-: (وبهذا تعلَم أنَّه لَمْ يُصِبْ مَن قالَ: إنَّ (أفر) فيه مشدَّدٌ، اجتمع فيه ساكنانِ، واجتماعهما في القافية جائزٌ، وهو أبو الفَرَج بن المعافَى) انتهى.
أمَّا عن سببِ ضبطِ كثيرٍ من محقِّقي الكُتُبِ مثلَ هذه المواضع بالتَّشديدِ فقد أوضحَهُ مُحقِّقُ «الخزانة» عبد السَّلام هارون (ت 1408) إذْ يقولُ في تعليقِهِ على بيتِ امرئِ القيسِ: (تُقْرَأ الرَّاءُ بالسُّكون، ولكنَّها تُكْتَبُ معَ علامة الشدَّةِ؛ تنبيهًا على أنَّ أصلها التَّضعيف) انتهى.
وقد تبيَّنَ مِنَ النُّقولِ السَّابقةِ أنَّ كتابةَ الشَّدَّةِ في نحو هذا الموضعِ خطأٌ معيبٌ.
ويُسْتَثْنَى من ذلك موضِعان:
أحدهما: ذكَره أبو يعلى التَّنوخيُّ في «القوافي 84» فقال: (فأمَّا الوقوفُ على الحَرْفِ المشدَّدِ إذا كان في ضَرْبِ البَيْتِ؛ فالصَّوابُ فيه أن يُوقَفَ عليهِ بالتَّخْفيفِ، إلَّا مَا كانَ مِنَ المترادفِ، ودخَلَ عليه الإصماتُ، والتقَى فيهِ حَرْفانِ مِثلانِ، فإنَّه لو قالَ:
* إن يُحْصَنِ اليَوْمَ نِساءٌ يُحْصَنّْ *
لكانَ الصَّواب الوقوف عليه بالتَّشديدِ) انتهى.
ومعنَى المترادف: (أن يجتَمِعَ في آخرِ البيتِ ساكنانِ) و(أكثر ما يُسْتَعْمَلُ بحَرْفٍ لينٍ، ورُبَّما أَتَى بغيرِ لِينٍ، فيُسَمَّى مُصْمَتًا) كما «القوافي 71» للتَّنوخيِّ.
والموضِعُ الآخَر: ذكَره ابنُ جِنِّي في «التنبيه على شرح مشكلات الحماسة 580» فقال: (فأمَّا إذا كان تقييدُه غيرَ واجِبٍ ولا مَبْنَى الشِّعْرِ عليه فلا يُنَكَرُ الوقوفُ علَى الحرفِ المشدَّدِ فيه من حيثُ كانت النِّيَّةُ به إطلاقُه) انتهى. يعني بذلك جوازَ الوقوفِ على راءِ (عُنصُر) في قولِ الرَّاجِز:
* مَحْضٌ نِجارِي طَيِّبٌ عُنصُرِّي *
بالتَّشديدِ إذا أُنشِدَ على التَّقييدِ.
والله تعالى أعلمُ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق